التوحيد في الإسلام هو جوهر الإيمان وركيزة العقيدة و كان دائمًا الرسالة التي حملها الأنبياء على مر العصور، فكل نبي جاء ليؤكد وحدة الله ويذكر الناس بضرورة عبادته وحده دون شريك.
والديانة اليهودية والمسيحية تحملان مفاهيم التوحيد أيضًا وإن اختلفت التفاسير على مر الزمن ونجد في القرآن الكريم إشارات متعددة إلى دعوات الأنبياء السابقين مثل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى لدعوة أقوامهم لعبادة الله الواحد، فالله عز وجل يقول في القرآن الكريم:
“وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ” [سورة النحل، الآية 36].
نادى نبي الله إبراهيم أبو الأنبياء بالتوحيد وحطم الأصنام وترك لأبنائه نهجًا في التوحيد استمر من خلال إسحاق ويعقوب ويوسف وصولاً إلى موسى وعيسى ثم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي جاء ليؤكد مرة أخرى وحدانية الله ويوضح مفهوم التوحيد الكامل.
معنى التوحيد وأهميته
التوحيد في اللغة يعني وَحَّدَ أي جعل الشيء واحدًا ويُعرف التوحيد في الشرع بأنه إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة بمعنى أن المسلم يؤمن بأن الله واحد أحد لا شريك له ولا ند ولا مثيل وهذا الإيمان يُعزز الصلة بين الإنسان وخالقه ويوجهه نحو العبادة الحقة والخضوع التام لله وحده دون سواه.
ويُعد التوحيد أساسيًّا في الإسلام فهو الأساس الذي يُبنى عليه الدين بأكمله ويُحقق المؤمن من خلاله توازنًا بين الدنيا والآخرة حيث يعلم أن الله هو المتحكم في الأمور وتوجيه العبادة والطاعة له هو السبيل الأوحد لنيل رضاه.
أنواع التوحيد في الإسلام
يُقسم التوحيد في الإسلام إلى ثلاثة أنواع رئيسية وكل نوع له دلالاته وأبعاده الخاصة في علاقة المؤمن بالله:
1- توحيد الربوبية:
توحيد الربوبية هو الإيمان بأن الله وحده هو الخالق والرازق والمدبر لهذا الكون والمسلم يؤمن بأن الله هو الذي أوجد كل شيء من العدم وأنه يُسير الأحداث ويعلم الغيب وكل ما يحدث في الكون هو بإرادته وحكمته.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ” [سورة الأنعام، الآية 164].
2- توحيد الألوهية
يعني توحيد الألوهية هو إفراد الله وحده بالعبادة وعدم توجيه أي نوع من العبادة لغيره سواء كانت صلاة أو دعاء أو توكل أو ذبح ويؤكد هذا النوع من التوحيد أن الله هو المستحق الوحيد للعبادة وأن على المسلم أن يُخلص في عبادته لله وحده.
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: “إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي” [سورة طه، الآية 14].
3- توحيد الأسماء والصفات
توحيد الأسماء والصفات يعني الإيمان بأسماء الله وصفاته كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية دون تشبيه أو تعطيل أو تمثيل وهذا النوع من التوحيد يعزز في قلب العبد عظمة الله وكماله ويزرع الخشية والمحبة في قلبه تجاه خالقه.
يقول الله تعالى: “وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا” [سورة الأعراف، الآية 180].
أركان التوحيد في الإسلام
تختلف أركان التوحيد في الإسلام عن أنواعه وهي ما يجب على المسلم أن يعتقد به فيما يتعلق بإفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة وتتمثل في ركنين أساسيين:
1- نفي الألوهية عن غير الله عز وجل:
نفي الألوهية عن كل ما سوى الله تعالى يعني تبرأ المسلم من أي نوع من الشرك أو العبادة لغير الله ويُخلص العبادة لله وحده متجنبًا كل المعبودات الأخرى وأن يكون لديه الاعتقاد الجازم بأنه لا إله إلا الله وأنه لا يستحق العبادة أحدٌ غيره.
وجاء في القرآن الكريم توضيح لهذا المعنى، حيث قال الله تعالى: “لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ” (سورة الأنبياء، الآية 25).
2- إثبات الألوهية لله وحده عز وجل:
يعني إثبات الألوهية لله وحده التأكيد على أن الله هو المعبود الحق وأنه وحده المستحق للعبادة بجميع أشكالها من صلاة ودعاء وذبح ونذر وغيرها، ويُظهر هذا الركن اليقين الكامل بألوهية الله وربوبيته وأسمائه وصفاته وإفراد الله وحده بجميع أنواع العبادات.
ويقول الله تعالى مؤكدًا على هذا المعنى: “وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ” (سورة البقرة 163).
أهمية التوحيد في حياة المسلم
- التوحيد هو الأساس الذي تُبنى عليه جميع أنواع العبادة ولا تقبل أي عبادة إلا إذا كانت خالصة لله وحده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى” (رواه البخاري).
- يحمي التوحيد المسلم من الوقوع في الشرك وهو أكبر الذنوب عند الله فالله تعالى يقول: “إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء” (سورة النساء، الآية 48).
- يزرع التوحيد في قلب المؤمن يقينًا بأن الله هو الحامي والرازق ويُخفف عنه ذلك هموم الحياة ويمنحه راحة نفسية
- كما أن التوحيد يمنح المسلم طمأنينة روحية فإيمانه بأن الله هو المهيمن على شؤون الكون يجعله يثق في قدر الله ويقبل قضائه فالله تعالى يقول: “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” [سورة الرعد، الآية 28].
- المسلم الموحد لا يخاف إلا من الله ولا يخشى البشر أو المخلوقات الأخرى ويمنحه ذلك شجاعة وثقة بالنفس.
- الإيمان بأن كل شيء بيد الله يقود المسلم إلى الرضا بما قسمه الله له ويعزز لديه شعور القناعة والسعادة.