إعرف دينكفتاوى

نظرة على أحكام الحائض والنفساء والمستحاضة

تعرفي على أحكام الحائض والنفساء والمستحاضة

نظرة على أحكام الحائض والنفساء والمستحاضة

تعد الطهارة من أهم شروط صحة العبادات في الإسلام ومن هنا يأتي الحديث عن أحكام الحائض والنفساء والمستحاضة فيما يخص العبادة ويشمل هذا الموضوع العديد من الجوانب التي تثير تساؤلات مهمة حول كيفية تأثير هذه الحالات على الصلاة، والصيام، والطواف، وغيرها من العبادة.

سنتناول في هذا المقال نظرة شاملة على الأحكام المتعلقة بالحائض والنفساء والمستحاضة، وكيفية تعامل المسلمة مع هذه الظروف في إطار أدائها لعبادتها اليومية.

نظرة على أحكام الحائض والنفساء والمستحاضة
أحكام الحائض والنفساء والمستحاضة

أحكام الحائض والنفساء والمستحاضة

أولا: أحكام الحائض والنفساء:

سنتعرف على ما يُحرم على الحائض والنفساء وما يُباح لهما:

ما يحرم على الحائض والنفساء:

1- يُحرم على الحائض والنفساء ما يُحرم على الجُنب:

الحائض والنفساء لهما نفس أحكام المرأة الجُنب إلا أنهما لا تقضيان الصلوات، فامرأة قالت للسيدة عائشة رضي الله عنها: أتجزي (أي تقضي) إحدانا صلاتها إذا طهُرت؟ فقالت: أحرُورية (طائفة من الخوارج) أنتِ؟، كنا نحيض مع النبي ﷺ ثم يأمرنا به، أو قالت: فلا نفعله. (رواه البخاري)

2- الصيام:

يُحرم الصيام على الحائض والنفساء سواء كان الصيام فرض أو نافلة، وفي حالة صيامهما يبطُل الصيام ولا يُقبل منهما، وعليهما صيام الفرض بعد طهارتهما، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كنا نحيض على عهد رسول الله ﷺ ثم نطهر، فيأمرنا بقضاء الصيام، ولا يأمرنا بقضاء الصلاة. (رواه الترمذي)

وفي حالة إذا حاضت المرأة في نهار رمضان أو نفست ولو قبل آذان المغرب بثانية أفطرت ويبطُل صومها ويجب عليها قضاء ذلك اليوم وباقي أيام مدة حيضها أو نفاسها.

3- الجماع:

يُحرم على المرأة الحائض أو النفساء أن يُجامعها زوجها حتى ينقطع دم حيضها أو نفاسها وتتطهر بالاغتسال، ويقول الله عز وجل في كتابه الكريم في سورة البقرة: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ”.

أجمع جمهور الفقهاء على أنه لا يجوز جماع الحائض أو النفساء لمجرد إنقطاع الدم بل يجب عليهما الغُسل أولًا، وفي حالة عدم وجود ماء للاغتسال به أو يُخشى الضرر من استعماله فيجوز لهما التيمم.

ما الأضرار الناجمة عن جماع الحائض والنفساء؟

أثبت العلماء في العلم الحديث أن الجماع أثناء فترة الحيض والنفاس يترتب عليه أضرار صحية ونفسية لا يمكن تجاهلها، فمن الناحية الصحية يكون جسم المرأة في حالة ضعف واستعداد للإصابة بالعدوى حيث يُعد الدم وسطًا مثاليًا لنمو البكتيريا، وذلك يُزيد خطر التهابات الرحم والحوض، وقد تتفاقم هذه الالتهابات لتؤثر على الجهاز التناسلي بأكمله بالإضافة إلى ذلك قد يتسبب الجماع في زيادة التقلصات وآلام الدورة الشهرية بسبب الضغط على الرحم.

أما من الناحية النفسية، فإن المرأة غالبًا ما تكون في حالة عاطفية غير مستقرة خلال هذه الفترات، وذلك يجعل الجماع تجربة مزعجة ومربكة لها ويجعلها تشعر بعدم الارتياح أو النفور، كما يترك أثرًا سلبيًا على العلاقة الزوجية.

ما يُباح للحائض والنفساء:

1- مخالطة الناس ومباشرة أعمال بيتها:

لا يتم وصف الحائض والنفساء بالنجاسة، فلهما أن يُخالطا الناس وأن يقوما بأعمال بيتهما وخدمة زوجهما وأبنائهما، ويُباح مؤاكلتهما ومجالستهما، كما لأي منهما أن تنام في فراش واحد مع زوجها ولا يُكره منهما العجن والطحن والخبز وغيرها من الأعمال، ولا يُكره منهما وضع أيديهما في الماء وأي شيء سائل، وذلك لأنهما طاهرتان غير نجستين.

وهناك من السنة النبوية أدلة كثيرة تؤكد ذلك من أقوال النبي ﷺ وفعله، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت:قال لي رسول الله ﷺ: “ناوليني الخُمرة (ما يُصلي عليه المرء من حصير وخلافه)” من المسجد (المقصود هنا أن النبي ﷺ كان في المسجد وهي في حجرتها، فطلب منها أن تناوله الخمرة بيدها وهي داخل الحجرة)، قالت: فقُلت: إني حائض، فقال: “إن حيضتك ليست في يدك” (رواه مسلم).

وورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أيضًا أنها قالت: كُنت أشرب وأنا حائض، ثم أُناوله النبي ﷺ، فيضع فاه على موضع في فيشرب، وأتعرق العرق (أخذ اللحم من العظم بالأسنان) وأنا حائض، ثم أناوله النبي ﷺ فيضع فاه على موضع في. (رواه مسلم)

كما ورد عنها أيضًا أنها قالت: كان رسول الله ﷺ يتكىء في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن. (رواه مسلم)

وعنها أيضًا أنها قالت: كان رسول الله ﷺ يُدني إلىَّ رأسه وأنا في حجرتي، فأرجل رأسه (تسريح الشعر وتهذيبه) وأنا حائض. (رواه مسلم)

2- مباشرة الحائض والنفساء بما دون الفرج:

عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله ﷺ أن يُباشرها أمرها أن تتزر (أي تلبس إزار، وهو ما يُغطي الجزء السفلي من الجسمما بين السرة والركبة) في فور حيضتها (أول الحيض ووقت شدته) ثم يُباشرها. (رواه البخاري) والمباشرة في الحديث لا تعني الجماع، ولكن التقاء البشرتين والتلامس.

وعن أنس بن مالك رضي الله أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يُؤاكلُوها، ولم يُجامعوهن في البيوت (المقصود بها أنهم كانوا لا يُخالطوهن ولا يمكثون معم في البيت ويُمكن أن يُخرجوهن من البيت)، فسأل أصحاب النبي ﷺ النبي ﷺ، فأنزل الله تعالى تلك الآية: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ …” إلى آخر الآية، فقال رسول الله ﷺ: “اصنعوا كُل شيء إلا النكاح” (رواه مسلم).

3- يجوز للحائض والنفساء النظافة والتزين:

يُستحب للحائض والنفساء أن تُنظف نفسها وتتزين، فتزيل القذر عن جسمها وتُمشط شعرها ولها أن تتزين كما تتزين به النساء إذا كانت متزوجة، فإمرأةً سألت السيدة عائشة رضي الله عنها: تختضب (استعمال الحنة وأدوات الزينة المعروفة) الحائض؟ فقالت: قد كنا عند النبي ﷺ ونحن نختضب، فلم يكن ينهانا عنه. (رواه بن ماجة)

4- لهما الخروج إلى مصلى العيد:

يجوز خروج الحائض والنفساء إلى مصلى العيد ويستمعا للخطبة ويشهدا الصلاة، ولكن على بُعد من المصلى، فعن أم عطية قالت: أُمرنا أن نُخرج الحيض يوم العيدين وذوات الخُدُر، فيشهدون جماعة المسلمين ودعوتهم، ويعتزل الحيض عن مصلاهن.(رواه ابخاري)

5- تناول ما يقطع الحيض أو يؤخره:

أجاز بعض العلماء أن تتعاطى المرأة أدوية بهدف تأجيل الحيض حتى لا تُفطر في شهر رمضان أو لتؤدي مناسك الحج أو لغير ذلك بشرط أن تتأكد المرأة من أن تلك الأدوية لن تضر بصحتها، وذلك باستشارة الأطباء، ويجب أن تعلم الحائض أن الحيض أمر طبيعي فطري، والأفضل أن يبقى على الطبيعة التي جعله الله عليه.

ثانيًا: أحكام المستحاضة:

المرأة المستحاضة في حكم الطاهرات غير أنها تأخذ حكم أصحاب الأعذار، فقد ورد في كتاب الحيض للإمام البخاري: باب إذا رأت المستحاضة الطهر، قال ابن عباس رضي الله عنه: تغتسل وتُصلي ولو ساعة، ويأتيها زوجها إذا صلت، الصلاة أعظم.

1- على المستحاضة الغُسل مرة واحدة والوضوء لكل وقت صلاة وعليها الصوم:

إذا مضت أيام حيض المرأة واغتسلت وطهُرت من الحيض ونزل عليها دم لا علاقة له بدم الحيض فلا غُسل لها، ولكن تتوضأ لكل وقت صلاة، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أُستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: “لا إنما ذلك عرق (أي أنه دم وريد وليس دم حيض) وليست بالحيضة، اجتنبي الصلاة أيام محيضك، ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة، وإن قطر الدم على الحصير” (رواه ابن ماجة).

قال ابن حجر: إن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه، ثم صار حكم الاستحاضة حكم الحدث، فتتوضأ لكل وقت صلاة، لكنها لا تُصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة سواء فريضة مؤداه أو مقضية، وأجمع جمهور الفقهاء على ذلك، وبعد اغتسالها يجب عليها صوم الفرض، كما لها أن تصوم صيام التطوع.

2- يجوز للمستحاضة دخول المسجد والاعتكاف فيه:

أجاز جمهور العلماء دخول المسجد والاعتكاف فيه للمستحاضة بشرط أن تتحفظ جيدًا وتحتاط من تلويث المسجد، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم، فلابما وضعت الطست تحتها من الدم.(رواه البخاري)

في الختام، فإن أحكام الحائض والنفساء والمستحاضة تعبير عن رحمة الإسلام وتيسيره في التعامل مع مختلف حالات النساء، فالإسلام يحرص على مراعاة طبيعة المرأة واحتياجاتها الفطرية ويمنحها الأحكام التي تناسب حالتها دون أن تكون مصدر حرج أو مشقة ومن هنا تتجلى عظمة الشريعة الإسلامية في شمولها ومرونتها التي تراعي جميع الجوانب الإنسانية. 

المصدر

1

زر الذهاب إلى الأعلى
Index