إعرف دينكالقران الكريم

تدبر آية ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ وفوائدها التربوية

نقي قلبك مع تدبر آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾

تدبر آية ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ وفوائدها التربوية

تدبر آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾، في لحظات الشدة التي تضيق فيها الصدور وتتزاحم الهموم على القلوب، وفي زمن الفتن التي تتقاذف الناس ذات اليمين وذات الشمال تشرق هذه الآية الكريمة كالشمس في قلب الظلام، وتعلن للعالمين حقيقة لا غبار عليها: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾.

آية تهز كيان القارئ وتضخ في روحه الطمأنينة والثبات، وتدبر هذه الآية لا يعني فقط فهم ألفاظها، بل الغوص في أعماقها واستحضار معانيها الإيمانية والفقهية والعقائدية والروحية التي تتغلغل في شرايين المؤمن.

تعريف بالسورة وآية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾

تقع هذه الآية في سورة الزمر، وهي سورة مكية نزلت في فترة الاستضعاف، وفي جو يعج بالتخويف والتهديد من قريش للنبي ﷺ وأصحابه، ووسط هذا الظلام نزلت هذه الآية تحمل وعدًا ربانيًا، وسندًا عظيمًا، وطمأنينة لا تشترى بالمال، حيث قال الله تعالى فيها: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ (سورة الزمر، الآية 36).

تدبر آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ وفوائدها التربوية
تدبر آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾

المعاني اللغوية والتأملية في آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾

﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾

“أَلَيْسَ”: أداة استفهام إنكاري بمعنى: بلى هو كافٍ عبده، وهذا الأسلوب يراد به تأكيد المعنى بقوة.

“بكافٍ”: الكفاية هنا مطلقة تشمل كفاية الحماية، والنصرة، والرزق، والهداية، والعز.

“عبده”: أطلقت الكلمة بصيغة التعريف، والعبد هنا هو النبي ﷺ، وأي عبدٍ صدق في عبوديته لله.

🟨 حين نتدبر هذا الجزء من الآية نجد أن العبد حين يصدق في العبودية يتكفل الله بكفايته، ويصبح العبد في حصن لا يُخترق، ولو اجتمعت عليه الإنس والجن.

﴿ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ﴾

معنى الآية أن الكفار يخوفون النبي ﷺ من أصنامهم وآلهتهم أو من قادتهم وأحلافهم، وأن الله يكشف ضعفهم وسخريتهم، ويبين أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، فكيف يملكون لغيرهم؟.

🟨 حين تتأمل الآية تجد أن كل من يُخوفك بشيء دون الله، فهو واهم لا سلطان له ولا قوة له، والخوف منه وهم في قلوب الضعفاء.

﴿ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾

ويأتي هذا الجزء من الآية بمعنى أن من ضل وابتعد عن نور الله، فلا أحد يهديه، فالهدى بيد الله وحده، لا بشطارة العبد، ولا بعقول الناس.

🟨 تأمل معي هذا الجزء من الآية والتي تقول لك: لا تغتر بأحد مهما علا شأنه، فإن الهدى من الله وحده، والقلوب بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

المعاني العقدية في آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾

  • إثبات كفاية الله لعباده المؤمنين في كل شؤونهم.

  • بيان بطلان الخوف من غير الله، مهما علت مكانته في الأرض.

  • التذكير بأن الهداية والضلال بيد الله، ولا سلطان لأحد على قلوب العباد إلا الله.

أخي في الله إذا علمت أن الله يكفيك، فلماذا تنكسر لغيره؟ لماذا تخاف من غيره؟ الكفاية بالله تغنيك عن العالمين.

الكفاية في القرآن الكريم

الكفاية صفة من صفات الله التي تتكرر كثيرًا في القرآن، وقد جمعها الله في قوله:﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾.

ومن الآيات التي تؤكد هذا المعنى:

  • ﴿ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴾ (سورة الفرقان، الآية 31).

  • ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴾ (سورة الحجر، الآية 95).

كل هذه الآيات تنبع من نبع واحد، وهو أن الله هو الكافي لمن آمن، والحافظ لمن صدق، والهادي لمن استقام.

تدبر نبوي لآية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾

كان رسول الله ﷺ يتلو هذه الآية في مواقف الشدة، وقد رُوي عنه أنه كان يقول: “اللهم اكفنيهم بما شئت”، فذلك الدعاء نابع من اليقين بكفاية الله وحده، وهكذا كان الأنبياء جميعًا، حين تُغلق الأبواب، يفتحون باب السماء بـ: “حسبنا الله ونعم الوكيل”.

مواقف من السيرة تدعم معنى الآية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾

عندما أعدت قريش العدة لقتل النبي ﷺ، ويخرج من بينهم والله يكفيه شرهم، ويهاجر إلى المدينة دون أن يُمس بأذى هو وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فنجد أن خروج النبي وسط رجال قريش دون أن يروه آية تمشي على الأرض، لتعلمنا أن الله كافي عباده حتى فيأصعب المواقف التي يستحيل فيها النجاة، سبحانك ربي.

وتأتي غزوة بدر وعدد المسلمين قليل، وعدتهم ضعيفة أمام جيش الكفار، والله يكفيهم، فينصرهم على قريش المدججة بالسلاح، نصر مستحيل في نظرية الحروب تعداد قليل وعدة ضعيفة أما أعداد مهولة مجهزة بالسلاح والوضع يقول هزيمة المسلمين، ولكن يرسل الله لهم الملائكة تحارب معهم، فينتصر جيش المسلمين، كان لديهم اليقين والإيمان بالله، فكان الله كافي لهم.

فوائد تربوية لآية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾

  • التوكل الحقيقي لا يكون إلا بعد صدق العبودية.

  • الخوف من الناس هو ضعف في التوحيد.

  • اليقين بكفاية الله هو طريق الراحة النفسية والاستقرار القلبي.

  • كل من خاف غير الله، وقع في شراك الوهم والتضليل.

وجاءت هذه الآية في سياق تهديد المشركين للنبي ﷺ وتخويفه بأصنامهم ومكانتهم، فرد الله عليهم بهذه الآية لتكون تربية عملية لكل مؤمن: “إذا أخافك الناس بسلطانهم، فاستقوِ بالله، فإنه يكفيك”، وسياق الآية يربط بين الموقف العملي والاعتقاد القلبي، وهو ما ينبغي أن يتأمله الدعاة والمربُّون؛ فليس الإيمان مجرد معلومة، بل موقف حي نابض في قلب صاحبه.

ارتباط آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ بمفهوم التوحيد الحقيقي

يٌربي القرآن الكريم القلوب على التوحيد الخالص، والاعتماد على الله وحده، وعدم الخوف إلا منه، وآية: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ هي لبُّ هذا المفهوم، بل تُعد من أعظم الآيات في تجديد الإيمان والتوكل وتجريد القلب من التعلق بغير الله، حيث تُعلمنا هذه الآية أن كل ما دون الله لا يستحق الخوف، ولا التقدير الزائد، فالله وحده هو الكافي لعبده، متى صدق العبد في التوجه إليه.

كيفية تطبيق آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ في حياتنا

الكثير من الناس يقولون: “الله يكفينا”، لكنهم لا يحيون هذا المعنى واقعًا في حياتهم، فما مظاهر كفاية الله لعبده عمليًا؟

  • الثقة بالله في كل موقف، وعدم الهلع مهما تكالبت الأسباب.

  • ترك الالتفات للمخلوق، واليقين أن الأرزاق والآجال بيد الله.

  • الثبات وقت الشدة، فالذي يتيقن بكفاية الله لا يتزعزع.

  • السكينة في القلب، فالكفاية تولد الطمأنينة، والطمأنينة تولِّد الإيمان العميق.

فنجد الكفاية حالة قلبية وسلوكية وعقدية يعيشها المسلم ويتنفسها في كل لحظة.

صور الكفاية الإلهية

بعض الناس يظنون أن الكفاية تعني فقط أن يمنع الله الأذى عن عبده ويحميه، لكن القرآن أوسع من ذلك بكثير، فالكفاية تشمل:

  • كفاية في الرزق، فيُغنيك الله دون سؤال.

  • كفاية في التوفيق، فيُلهمك الصواب ويصرف عنك الحيرة.

  • كفاية في الحفظ، فيقيك الله من شرور الناس.

  • كفاية في النصر، فيرفعك الله على من يعاديك دون أن تبذل إلا ما تقدر عليه.

  • كفاية في الهداية، فيُبقيك الله على الصراط المستقيم حتى الممات.

قال ابن القيم رحمه الله: “من كفاه الله، فلا يضره من خذله، ومن تولاه الله، فلا ينفعه من عاداه”.

ربط آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ بالحياة المعاصرة

في زمن كثرت فيه الضغوط النفسية والمخاوف من المستقبل، وانتشرت الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فإن المؤمن بحاجة إلى آية تُثبِّت قدمه وتطمئن قلبه، وتأتي هذه الآية تقول لكل خائف على وظيفته، أو ماله، أو أولاده، أو مستقبله: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾؟

ولذلك، فهذه الآية تصلح أن تُعلَّق على الجدران، وتُكتب في القلوب، وتُتلى في اللحظات التي يشتد فيها الخوف، وتُردَّد مع النفس حتى تهدأ وتطمئن.

وقفات دعوية من آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾

  • على الدعاة أن يربوا الناس على التوكل الحقيقي لا الشكلي.

  • ينبغي أن تُبنى الخطبة والمحاضرة من هذه الآية حين يخاف الناس من أعداء الأمة.

  • يجب غرس معنى الكفاية بالله في نفوس الأبناء منذ الصغر ليعيشوا بالإيمان لا بالخوف.

  • من واجب المربي أن يشرح أن الهداية بيد الله، وأن العبد لا يُغني عن أحد شيئًا.

أدعية مستوحاة من آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾

  • اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبك عمَّن سواك.

  • اللهم اجعلني ممن تكفيه، وتهديه، وتثبِّته، وتؤنسه بقربك يا كافي.

  • اللهم إني عبدك، فارزقني كفايتك التي لا تنقطع، وسلامك الذي لا يُنزع.

خلاصة المقال: لماذا تُعد آية ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ منجاة لكل خائف؟

لأنها تتضمن:

  • وعدًا صادقًا من الله لعبده.

  • نفيًا للخوف ممن دونه.

  • تقريرًا بأن الهداية بيد الله وحده.

فهي آية تتضمن عقيدة، وتربية، وإيمان، وشفاء في جملة واحدة، فاجعلها وردك في كل صباح ومساء، وقلها بثقة ويقين: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾؟ بلى والله، أنت الكافي والمعين والمجير.

المصدر

1

 

زر الذهاب إلى الأعلى
Index

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock