إعرف دينكالقران الكريم

تفسير سورة النبأ الآيات (17 – 30) بشكل ميسر

تعرف على تفسير سورة النبأ الآيات (17 - 30) والدروس المستفادة

تفسير سورة النبأ الآيات (17 – 30) بشكل ميسر

تفسير سورة النبأ الآيات (17 – 30)، القرآن الكريم هو كتاب الهداية الذي أنزله الله ليكون نورًا للعباد، وفيه من العبر والمواعظ ما يوقظ القلوب الغافلة، ويهدي العقول الحائرة، ومن أعظم ما ورد فيه، وصف يوم القيامة وأهواله، ليرتدع العصاة ويتوب المذنبون، ويُبرز الله سبحانه وتعالى في سورة النبأ مشاهد يوم الفصل، حيث يُبعث الخلق للحساب، وتنقلب موازين الكون، وتُجازى كل نفس بما كسبت.

سنتناول في هذا المقال تفسيرًا تفصيليًا للآيات (17-30) من سورة النبأ، مع بيان معاني المفردات، واستنباط الدروس المستفادة التي تعين المسلم على فهم هذه الحقائق العظيمة والاستعداد ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

تفسير سورة النبأ الآيات (17 - 30) بشكل ميسر
تفسير سورة النبأ الآيات (17 – 30)

نص الآيات من (17-30) من سورة النبأ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ۝ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ۝ وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا ۝ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ۝ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ۝ لِلطَّاغِينَ مَآبًا ۝ لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ۝ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا ۝ إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ۝ جَزَاءً وِفَاقًا ۝ إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا ۝ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ۝ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا ۝ فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ۝﴾

تفسير سورة النبأ الآيات (17 – 30)

تفسير سورة النبأ الآيات (17 – 20)

“إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ۝ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ۝ وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا ۝ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا”

بعض معاني المفردات الواردة في الآيات

يوم الفصل: يوم القيامة، حيث يُفصل بين الحق والباطل، وبين المؤمنين والكافرين.

ميقاتًا: موعدًا محددًا لا يتقدم ولا يتأخر.

الصور: البوق الذي ينفخ فيه إسرافيل عند قيام الساعة.

أفواجًا: جماعات متفرقة، أو قطيع من الناس.

فُتِحت السماء: أي تشققت، وتظهر فيها أبواب بسبب زلزلة القيامة.

سُيِّرَتِ: أي زالت من أماكنها وتحركت.

سرابًا: شيء يبدو موجودًا لكنه ليس كذلك، إشارة إلى زوال الجبال وكأنها لم تكن.

تفسير الآيات:

الدنيا للعمل، والنعم متاع، ومن وراء كل ذلك حساب وجزاء، ويكون ذلك في يوم الفصل، اليوم الذي يُفصل فيه بين العباد، وبين المحسن والمسيء، والظالم والمظلوم، إنه الموعد المحدد للقضاء والجزاء، يومها ينفخ الملك إسرافيل نفخته الثانية في بوقه، فيقوم الموتى من قبورهم أحياء، سواء منهم من صُعق عند نفخة إسرافيل الأولى، أو من مات قبل ذلك بكثير، كلهم تحشرهم الملائكة وتسوقهم إلى ربهم جماعات في مشهد رهيب عظيم، يومها تتفتح السماء وتتشقق، فتكون أبوابًا وطُرقًا ومسالك للملائكة، وتُنسف الجبال فتصير كالسراب وتتحول إلى غبار متطاير، ثم تختفي وكأنها لم تكن، ويظن الناظر إليها أنها شيء وما هي بشيء.

تفسير سورة النبأ الآيات (21 – 26)

“إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ۝ لِلطَّاغِينَ مَآبًا ۝ لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ۝ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا ۝ إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ۝ جَزَاءً وِفَاقًا”

بعض معاني المفردات الواردة في الآيات

مرصادًا: مكانًا يترصد أهل الكفر والطغيان.

الطاغين: المتجاوزين لحدود الله بالكفر والمعصية.

مآبًا: مرجعًا ومصيرًا ومُنقلبًا ونُزلًا.

أحقابًا: فترات طويلة متتابعة بلا نهاية.

لابثين: ماكثين.

بردًا: راحة أو هواء بارد يخفف العذاب.

حميمًا: ماء شديد الحرارة يغلي.

غسَّاقًا: قيح وصديد أهل النار.

وفاقًا: مطابقًا لأعمالهم، لا ظلم فيه.

تفسير الآيات:

تُظهر الآيات صورة الحشر، وتصف النار وعذاب أهلها فيها، فتُصور مصير الطغاة، ومصير التقاة، أما الطغاة الذين كذبوا وجحدوا بآيات الله، فجهنم مرصودة لهم ترقب وصولهم إليها، وهي في انتظارهم، حيث أنها مأوى المتجاوزين لحدود الله عز وجل، ومنزلهم الذي إليه يرجعون، ولهم- والعياذ بالله- في هذا المنزل مُقام طويل لأزمنة مديدة، ليس لهم فيها ما يُبرد جوفهم، ويروي عطشهم، فإن أرادوا شرابًا، فليس لهم إلا الماء الحار الذي يشوي البطون، وهو ماء مخلوط من صديدهم ودموعهم وعرقهم وإخراجاتهم، وذلك جزاء مستحق لما كانوا عليه في الدنيا، وسيمكثون في هذا العذاب أبديًا، حيث لا مهرب ولا نهاية لمعاناتهم، وهو جزاء مستحق لما اقترفوه من الذنوب.

تفسير سورة النبأ الآيات (27 – 30)

“إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا ۝ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ۝ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا ۝ فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا”

بعض معاني المفردات الواردة في الآيات

لا يرجون حسابًا: لا يتوقعون يوم القيامة، ولا يخافون العاقبة.

كذَّابًا: تكذيبًا شديدًا ومتكررًا.

تفسير الآيات:

تُبين الآيات أسباب استحقاق الطغاة للعذاب في النار، وكل هذا العذاب ما هو إلا الجزاء الموافق لطغيانهم، والمناسب لما ارتكبوه من فساد وإفساد في الحياة الدنيا، فقد كانوا في الدنيا يستبعدون ذلك وينكرونه، ولا يتوقعون أنهم سيُحاسبون، بل كانوا معاندين متغافلين عن حجج الله ودلائله على خلقه، ومكذبين لآياته المنزلة على رسله، كل ذلك أحصته عليهم الملائكة والكتبة في صحائفهم، فهؤلاء الطغاة في جحيم مقيم، لا رجاء لهم، ولا أمل لهم في تخفيف عذابه، و لن يجد الكافرون إلا مزيدًا من العذاب المستمر.

الدروس المستفادة 

  • تؤكد الآيات أن يوم القيامة واقع لا محالة، وهو “يوم الفصل” الذي يفصل الله فيه بين الخلائق، فيجازي المحسنين ويعاقب المسيئين.
  • مشاهد القيامة مرعبة، حيث تتشقق السماء، وتصبح الجبال سرابًا، وتتناثر الكواكب، مما يبين أن هذا اليوم ليس كأي يوم، بل هو انقلاب كوني عظيم.
  • يُبعث الناس جميعًا من قبورهم، ويساقون جماعات للحساب، مما يدل على أن الحياة الدنيا مجرد مرحلة، يعقبها يوم تُعرض فيه الأعمال.
  •  كل فرد يُجازى وفق عمله، مما يرسِّخ مفهوم العدل الإلهي الذي لا يُظلم فيه أحد.
  • شير الآيات إلى أن العذاب سيستمر “أحقابًا”، أي لأزمنة متتالية بلا نهاية، مما يدل على أن عذاب أهل النار لا ينقطع ولا يخفف عنهم.
  • شدة العذاب والعقوبات المهولة التي سيلقاها أهل النار نتيجة عنادهم وانكارهم.
  • سبب عذاب أهل النار هو التكذيب والمعصية.
  • الإصرار على الكفر والتمادي في الإنكار هو سبب دخول العبد النار.
  • إحاطة الله التامة بكل شيء، ف كل عمل، كبيرًا كان أو صغيرًا، مسجل في كتاب لا يغادر شيئًا، مما يستوجب الحذر والمراقبة الذاتية.
  • لن ينال أهل النار أي راحة، بل يكون عذابهم متجددًا ومتزايدًا بمرور الوقت.
  • ضرورة الإيمان والاستعداد للآخرة.

في الختام، قدمنا لكم تفسير سورة النبأ (17 – 30)، و نجد أن التأمل في هذه الآيات الكريمة يجعل القلب يرتجف من رهبة يوم القيامة، ويجعل العاقل يدرك أن الحياة الدنيا ما هي إلا دار اختبار، وأن الآخرة هي دار الجزاء، فلقد وصف الله عز وجل في هذه الآيات مشاهد مرعبة من أهوال يوم الفصل، وبيَّن المصير المظلم الذي ينتظر المكذبين، مما يدفع الإنسان إلى مراجعة نفسه، وتصحيح مساره قبل فوات الأوان.

ومن رحمة الله بعباده أنه أنزل هذه التحذيرات في كتابه الكريم، ليكون للناس تذكرة، فيتوبوا ويرجعوا إليه قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم. فطوبى لمن وعى الدرس، وأخذ بأسباب النجاة، واستعد لذلك اليوم بالإيمان والعمل الصالح، فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا حسن الختام، ونجاة يوم الحساب، اللهم اجعلنا من أهل الجنة، ونجِّنا من عذاب النار، إنك أنت الغفور الرحيم.

المصدر

1

 

زر الذهاب إلى الأعلى
Index

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock