حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية 2025 وفق آراء كبار علماء الدين
حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية 2025
حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية، الحمد لله الذي هدانا للإسلام وجعلنا من أتباع سيد الأنام نبينا محمد ﷺ، ووفقنا لاتباع سنة الحبيب المصطفى ﷺ في جميع شؤون حياتنا. سنتناول في هذا المقال حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية من منظور الشرع الإسلامي، مستندين إلى أقوال كبار العلماء مع توضيح الأسباب الشرعية والضوابط التي بنيت عليها هذه الأحكام.
مفهوم الاحتفال برأس السنة الميلادية
الاحتفال برأس السنة الميلادية يتمثل في إقامة مظاهر الفرح والاحتفالات في الليلة الأخيرة من شهر ديسمبر، وهو احتفال مرتبط بالسنة الميلادية التي تُنسب إلى ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام وفق التقويم المسيحي، وغالباً ما تصاحبه مظاهر مثل تبادل التهاني، وإشعال الألعاب النارية، وإقامة الحفلات، وتبادل الهدايا.
حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية من منظور شرعي
أولاً: النهي عن التشبه بالكفار
قال الله تعالى: “وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ” (سورة الفرقان، الآية 72)، وفسر علماء التفسير “الزور” هنا بأنه يشمل أعياد الكفار، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه.
كما قال النبي ﷺ: “من تشبَّه بقومٍ فهو منهم” (رواه أبو داود وصححه الألباني)، ويدل هذا الحديث على تحريم التشبه بغير المسلمين في شعائرهم ومناسباتهم، ومنها الأعياد التي ترتبط بعقائدهم.
ثانياً: تحريم الابتداع في الدين
قال النبي ﷺ: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” (رواه البخاري ومسلم)، والاحتفال برأس السنة الميلادية يعد من البدع المحدثة التي لا أصل لها في الإسلام، فهو ليس عبادة مأذون بها، ولا عادة مباحة متعارف عليها بين المسلمين.
حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية وفق آراء علماء الدين
الحكم الشرعي العام:
أجمع العلماء على أن الأعياد في الإسلام محصورة في عيدين فقط: عيد الفطر وعيد الأضحى، وهما مناسبتان شرعيتان تتعلقان بعبادات دينية، وذلك لحديث النبي ﷺ حيث قال: “يا أبا بكر إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا” (رواه البخاري ومسلم)، ويُفهم من هذا الحديث أن تخصيص أي يوم بالاحتفال خارج هذين العيدين يتطلب دليلاً شرعياً، وهو ما لا يتوفر في حالة الاحتفال برأس السنة الميلادية.
الاحتفال بالمناسبات ذات الطابع الديني غير الإسلامي
يرى علماء الدين أن مشاركة المسلمين في احتفالات ذات طابع ديني غير إسلامي مثل رأس السنة الميلادية يُعد من التشبه بالغير المنهي عنه شرعاً حيث قال النبي ﷺ: “من تشبَّه بقومٍ فهو منهم” (رواه أبو داود)، ويدل هذا الحديث على تحريم تقليد غير المسلمين في شعائرهم أو مناسباتهم الدينية.
الاحتفال بالمناسبات غير الدينية
في حال كانت مظاهر الاحتفال مجردة من الطابع الديني كإقامة حفلات عامة أو تهاني ودية، فهذه المسألة خاضعة لاجتهاد العلماء، ومع ذلك رأى كثير من الفقهاء أن هذه الاحتفالات قد تؤدي إلى التعلق بمناسبات غير إسلامية وتُضعف الهوية الإسلامية، لذلك استحبوا اجتنابها.
أقوال كبار علماء الدين في حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية
الإمام ابن تيمية رحمه الله
قال الإمام ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم: “مشابهتهم في أعيادهم موجب لسوء الظن في العقيدة. فالمسلم الذي يشارك في أعيادهم يدل على ضعف عقيدته أو عدم علمه بما تقتضيه شريعة الإسلام”، وأكد أن الأعياد من أعظم خصائص الأديان، فلا يجوز للمسلمين المشاركة فيها أو تهنئتهم بها.
الإمام ابن باز رحمه الله
ذكر الشيخ ابن باز في “مجموع فتاواه” (6/405): “لا يجوز للمسلم أن يحتفل بعيد الكريسماس أو غيره من أعياد الكفار، ولا أن يُهنئهم بذلك، لأن هذه المشاركة أو التهنئة تعني الرضا بعقائدهم، وهو أمر خطير على العقيدة”، وشدد على أن التهنئة بهذه المناسبات لا تصح بحال حتى لو كان الغرض المجاملة؛ لأن ذلك قد يُعد نوعًا من الإقرار بشعائرهم.
العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
أوضح الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: “تهنئة الكفار بأعيادهم حرام بالإجماع. ومن هنأهم بمناسبات أعيادهم الدينية فهو موافق لهم فيما هو من شعائر دينهم الباطل، وهذا لا يجوز بأي حال”، كما أشار إلى أن المشاركة في احتفالاتهم تمثل نوعًا من الموالاة المحرمة التي يجب على المسلم الحذر منها.
الإمام الألباني رحمه الله
قال الشيخ الألباني في كتابه حكم تهنئة الكفار بأعيادهم: “لا يجوز تهنئتهم بأعيادهم، لأن ذلك يعد إقرارًا بعقيدتهم الباطلة. وينبغي للمسلم أن يعتز بدينه وألا يظهر أي موافقة على شعائر غير إسلامية”.
أدلة إضافية على تحريم الاحتفال برأس السنة
النهي عن موافقة الكفار في شعائرهم
قال الله تعالى: “وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ” (سورة هود، الآية 113)، والركون هنا يشمل المشاركة في مظاهر احتفالاتهم.
تعزيز الهوية الإسلامية
قال النبي ﷺ: “خالفوا المشركين” (رواه مسلم)، ويحث هذا الحديث على مخالفة أهل الكفر في كل ما يميزهم من شعائر واحتفالات.
تحريم موافقة غير المسلمين في شعائرهم
قال الله تعالى: “لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ” (سورة الكافرون، الآية 6)، وتؤكد هذه الآية على وجوب التمايز بين المسلمين وغيرهم في أمور الدين، ومنها الأعياد المرتبطة بشعائرهم، فالاحتفال برأس السنة الميلادية مرتبط بعقيدة دينية تتعلق بميلاد المسيح، وهو ما يتنافى مع العقيدة الإسلامية.
الأعياد من خصائص الأديان
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: “الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله فيها: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} (سورة الحج، الآية 67)، فلا فرق بين مشاركتهم في أعيادهم وبين مشاركتهم في غيرها من شعائر الكفر.”، فالأعياد تتجاوز حدود كونها مجرد مناسبات اجتماعية حيث لها جذور دينية، وبالتالي المشاركة فيها تعني الإقرار بعقائدها.
تحريم التهنئة بأعياد الكفار
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في أحكام أهل الذمة: “وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به، فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم أو صومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد، ونحوه. فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب.”
الأعياد جزء من الولاء والبراء
قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ” (سورة المائدة، الآية 51)، فالمشاركة في أعياد غير المسلمين قد تعكس نوعًا من المودة والولاء، وهو أمر ينافي العقيدة الإسلامية.
تقليد الكفار علامة ضعف الإيمان
قال النبي ﷺ: “لتتبعنَّ سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ تبعتموهم.” (رواه البخاري ومسلم)، فالاحتفال برأس السنة يمثل نوعًا من اتباع الكفار وتقليدهم في أمورهم الدينية والدنيوية، وهو أمر مذموم في الشريعة.
الضوابط الشرعية للمسلم في هذه المناسبات
الحفاظ على الهوية الإسلامية
يجب على المسلم أن يتميز بدينه وهويته وألا ينغمس في تقاليد غير المسلمين أو يقلدهم في شعائرهم.
الامتناع عن المشاركة في المحرمات
تتضمن احتفالات رأس السنة أحياناً أموراً محرمة مثل شرب الخمر أو الاختلاط المحرم أو اللهو المبالغ فيه، وكل ذلك منهي عنه في شريعتنا.
التهنئة والاحتفاء ضمن الحدود المباحة
إذا كانت العلاقات الاجتماعية تقتضي تبادل التهاني مع غير المسلمين في أمور لا تتعلق بشعائرهم الدينية، فقد أجاز بعض العلماء ذلك شريطة عدم المبالغة أو الاعتقاد بصحة هذه الأعياد.