حكم الوضوء بسؤر الحيوانات: هل سؤر القطط والكلاب طاهر أم نجس؟
تعرف على جواز الوضوء بسؤر القطط والكلاب وغيرها
حكم الوضوء بسؤر الحيوانات، تُعد الطهارة من أهم شروط صحة الصلاة وأساسيات العبادات في الإسلام حيث لا تصح عبادة بدونها.
والمسلم يتعرض خلال يومه لمواقف مختلفة قد تتعلق بالطهارة كاختلاطه بالحيوانات وملامستها فإن الأحكام الفقهية في هذا الشأن تصبح حاجة ملحة.
ومن بين المسائل التي أثارت اهتمام العلماء وتعددت فيها الآراء حكم الوضوء بسؤر الحيوانات كالقطط والكلاب، فهل تُعد بقايا الماء التي شربت منها الحيوانات طاهرة أم نجسة؟، وكيف يمكن التمييز بين الأحكام المتعلقة بأنواع الحيوانات المختلفة؟.
سنُجيب في هذا المقال عن هذه التساؤلات مستندين إلى آراء الفقهاء والأدلة الشرعية.
ما هو السؤر؟
السؤر هو ما تبقى في الإناء بعد الشرب وله العديد من الأنواع وفقًا لأحكام الفقه في الشريعة الإسلامية تتعلق بأحكام الطهارة والضوء.
ولكي نتعرف على حكم الوضوء بسؤر الحيوانات كالقطط والكلاب وغيرها لابد من معرفة بعض أنواع السؤر وحكمها.
ما هي أنواع السؤر؟
السؤر وفقًا لأحكام الفقه وهي سؤر الآدمي، وسؤر ما يؤكل لحمه، وسؤر ما لا يؤكل لحمه، وسؤر الهرة (القطة) وسؤر الكلب والخنزير.
حكم سؤر الآدمي
يُعد سؤر المسلم والكافر والجنب والحائض طاهر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول ﷺ: “إِنَّ المُؤمِنَ لا يَنجُسُ”(رواه البخاري)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كُنْتُ أشْرَبُ وأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ علَى مَوْضِعِ فِيَّ، فَيَشْرَبُ، وأَتَعَرَّقُ العَرْقَ وأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ علَى مَوْضِعِ فِيَّ.(رواه مسلم).
أما ما جاء في قول الله عز وجل: “إِنَّما المُشرِكُونَ نَجَسٌ” كان المقصود به نجاسة الكفار المعنوية ولا يُقصد نجاسة أجسادهم، فقد كان الكفار يخالطون المسلمين، وتأتي رُسلهم ووفودهم إلى النبي ﷺ، ويدخلون مسجده، ولم يأمر ﷺ بغسل شيء مما أصابته أبدانهم، والله عز وجل يقول: ” وَلَقَد كَرَّمنَا بَنِي آدَمَ…”.
حكم سؤر ما يؤكل لحمه
كل ما يتبقى في الإناء من مياه بعد شرب الحيوانات والطيور التي يؤكل لحمها طاهر يجوز شربه والوضوء به، فعن جابر رضي الله عنه قال: سرنا مع رسول الله ﷺ… ودنونا ماء من مياه العرب، فقال النبي ﷺ: “مَن رَجُلٌ يَتَقَدَّمُنَا، فَيَمدُرُ الحَوضَ فَيَشرَبُ وَيَسقِينَا؟”، فقمت فقلت: هذا رجل يا رسول الله، فقال رسول الله ﷺ: ” أَيُّ رَجُلٍ مَعَ جَابِرٍ؟” فقام جبار بن صخر، فانطلقنا إلى البئر فنزعنا في الحوض سجلًا أو سجلين، ثم مدرناه، ثم نزعنا فيه حتى أفقهناه، فكان أول طالع علينا رسول الله ﷺ فقال: ” أَتَأذَنَانِ؟” قُلنا: نعم يا رسول الله، فأشرع ناقته فشربت….ثم جاء رسول الله ﷺ إلى الحوض، فتوضأ منه، ثُم قُمت فتوضأت من متوضأ رسول الله ﷺ. (رواه مسلم).
ما يخص حكم سؤر ما لا يؤكل لحمه
وهو طاهر، فعن أبو سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: أن النبي ﷺ سُئل عن الحِياض التي بين مكة والمدينة تردُها السباع والكلاب والحمر، وعن الطهارة منها، فقال: “لَهَا مَا حَمَلَت فَي بُطُونِهَا، وَلَنَا مَا غَبَرَ طَهُورٌ”.(رواه ابن ماجة).
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضًا، فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض: يا صاحب الحوض، هل تردُ حوضك السباع؟ فقال عمر بن الخطاب: يا صاحب الحوض، لا تُخبرنا، فإنا نرد على السباع، وتردُ علينا. (رواه مالك).
ما هو حكم الوضوء بسؤر الهرة ( القطة )؟
حكم سؤر الهرة ( القطة ) طاهر، فعن كبشة أن قتادة دخل عليها، قالت: فسكبت له وضوءًا، فجاءت هرة تشرب، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا بنت أخي؟ فقلت: نعم، قال: إن رسول الله ﷺ قال: ” إِنَّهَا لَيست بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيكُم أَوِ الطَّوَّافَاتِ “. (رواه الترمزي).
ما هو حكم سؤر الكلاب والخنازير؟
يجب اجتناب سؤر الكلب لنجاسته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ” طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُم إَذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلبُ أَن يَغسِلَهُ سَبعَ مَرّاتٍ أولاهُنَّ بِالتُّرَابِ ” (رواه مسلم).
أما بالنسبة لسؤر الخنزير، فهو نجس؛ لخبثه وقذارته.
مذهب الحنفية
يرى الحنفية أن سؤر الحيوانات الطاهرة مثل القطط ودواب الأنعام (كالبقر والإبل والغنم) طاهر ويجوز الوضوء به، أما سؤر الكلب والخنزير فهو نجس ولا يجوز استخدامه للوضوء أو الطهارة استنادًا إلى الحديث: “إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات” (رواه مسلم).
وسؤر الحيوانات التي لا يؤكل لحمها كالحمار والبغل يُعتبر مكروهًا عند الحنفية ولكنه لا ينقض الطهارة.
مذهب المالكية
يرى المالكية أن سؤر جميع الحيوانات طاهر باستثناء الخنزير الذي يُعتبر سؤره نجسًا قطعًا ويفسرون ذلك بأن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يثبت نجاستها.
أما بالنسبة لسؤر الكلب على الرغم من اعتباره طاهرًا إلا أنه يُستحب غسله سبع مرات إذا ولغ في الإناء تأسيًا بالسنة النبوية.
مذهب الشافعية
تعتبر الشافعية أن سؤر الكلب والخنزير نجس ويجب تطهير الإناء منه بغسله سبع مرات إحداهن بالتراب.
أما سؤر الحيوانات الطاهرة مثل القطط وغيرها من الحيوانات التي لا تشتمل على نجاسة، فهو طاهر ويجوز الوضوء به.
وبالنسبة لسؤر الحيوانات غير مأكولة اللحم كالسباع، فيرون أنه نجس، ويستندون إلى تحذيرات شرعية من أكل لحوم السباع واعتبارها غير طاهرة.
مذهب الحنابلة
يرى الحنابلة أن سؤر الكلب والخنزير نجس ويجب غسل الإناء سبع مرات إذا ولغ الكلب فيه استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
وسؤر الحيوانات الطاهرة كالإبل والبقر والغنم والقطط يُعد طاهرًا ويجوز استعماله للوضوء.
أما سؤر الحيوانات غير مأكولة اللحم كالأسود والنمور فيرونه مكروهًا لكنه لا يبطل الطهارة مع تفضيل عدم استعماله.
في الختام، قدمنا كل ما يخص حكم الوضوء بسؤر الحيوانات وسؤر الآدمي، فوجدنا أن سؤر الآدمي و ما يؤكل لحمه طاهر وكذلك سؤر ما لا يؤكل لحمه ووجدنا أن سؤر القطط طاهر، أما سؤر الكلب والخنزير غير طاهر ونجس، نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يُحبه ويرضاه.
المصدر