معلومات عامة

بعض أسرار القسم بالتين والزيتون وطور سينين

لماذا اقسم الله بالتين والزيتون وطور سينين والبلد الامين؟

بعض أسرار القسم بالتين والزيتون وطور سينين

أسرار القسم بالتين والزيتون في القرآن الكريم… حينما يُقسم الله سبحانه وتعالى بشيء في القرآن الكريم، فإنه يدل على عظيم شأن هذا الشيء ورفعة مكانته وقد جاء القسم بـ”التين والزيتون” في مطلع سورة التين حيث قال تعالى: “وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ” (سورة التين، الآية 1).

هذا القسم الموجز يحمل في طياته معاني عميقة وأسرارًا تدعو للتأمل حيث جمع بين عنصرين يحملان رمزية دينية وغذائية وروحية، وذلك يعكس بديع خلق الله وواسع حكمته.

بعض أسرار القسم بالتين والزيتون وطور سينين
بعض أسرار القسم بالتين والزيتون وطور سينين

أسرار القسم بالتين والزيتون وطور سينين والبلد الآمين

لماذا اقسم الله بالتين والزيتون وطور سينين والبلد الامين؟

أقسم الله سبحانه وتعالى بالتين والزيتون وطور سينين والبلد الأمين في سورة التين لأسباب متعددة تتعلق بعظمتهم ومكانتهم في الإسلام.

أهمية القسم بالتين والزيتون

 يُعتبر التين والزيتون من الثمار المباركة حيث يُعرف التين بفوائده الصحية العديدة مثل تحسين الهضم وتقوية القلب بينما يُعتبر الزيتون مصدرًا غنيًا بالدهون الصحية ومضادات الأكسدة، وقد أُقسم بهما نظرًا لكثرة منافع شجرهما وثمرهما، ولأنهما ينموان في أرض فلسطين التي شهدت بعثة العديد من الأنبياء مثل سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام.

جاء القسم بالتين والزيتون في سورة التين مرتبطًا بسياق عظيم يُشير إلى كمال خلق الإنسان كما في قوله تعالى: “لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ” (سورة التين، الآية 4) ويُظهر الربط هنا بين جمال التين والزيتون كثمار تحمل البركة والخير وبين الإنسان الذي خُلق في أبهى صورة.

وذُكر الزيتون تحديدًا في عدة مواضع أخرى منها قوله تعالى: “وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ” (سورة المؤمنون، الآية 20) وذلك يُبين مكانة الزيتون كمصدر بركة وزيت طيب يُنير ويغذي.

ورد عن النبي ﷺ أنه قال: “كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ” (رواه الترمذي وأحمد) ويُبرز هذا الحديث أهمية الزيتون كمصدر غذاء ودواء ويؤكد البركة التي تحمله شجرة الزيتون.

والقسم في سورة التين دلالة على فضل وعظمة التين والزيتون، فالتين والزيتون هما ثمار تحمل فوائد صحية عظيمة وقد تم ذكرهما في القرآن ليكونا رمزًا للصحة والعافية.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن التين يحتوي على مادة الميثالونيدوز، والتي تكون فعالة فقط عند دمجها مع مكونات الزيتون وقد أثبتت الأبحاث أن تناول حبة تين واحدة مع سبع حبات من الزيتون يحقق فوائد صحية كبيرة، وهو ما يتوافق مع عدد مرات ذكر الزيتون في القرآن.

القسم بطور سينين

طور سينين هو جبل الطور بسيناء الذي كلم الله عنده نبيه موسى عليه السلام، وأقسم الله بالجبل في هذه السورة لأنه مكان التجلي الإلهي الذي حصل فيه مع نبيه موسى عليه السلام وكان ذلك لحظة فارقة في حياة النبي، وذكر الجبل بهذا القسم يُظهر أهمية هذا المكان في تاريخ الدعوة الإلهية.

القسم بالبلد الأمين

البلد الآمين يُقصد بها مكة التي تُعتبر أقدس بقعة على وجه الأرض وأحب البقاع إلى الله، والمكان الذي بُعث فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وجعلها ذلك مركزًا للعبادة والهدى.

دلالة القسم بالتين والزيتون وطور سينين والبلد الآمين

القسم بالتين والزيتون وطور سينين في القرآن الكريم يُعتبر دعوة للإنسان للتأمل في النعم التي أودعها الله في خلقه ولكي يعلم أن هذه النعم ليست محض صدفة أو نتاج جهد بشري بل هي من فضل الله سبحانه وتعالى الذي وهبنا هذه النعم لتكون في خدمتنا، والقسم بالبلد الآمين دلالة على المكانة العظيمة التي تتمتع بها مكة المكرمة.

معجزة التين والزيتون

من الإعجاز القرآني أن التين ذُكر مرة واحدة فقط في القرآن بينما الزيتون ذُكر سبع مرات بما في ذلك ذكره بشكل غير مباشر، ويتوافق هذا التوزيع مع النتائج العلمية الحديثة التي أظهرت أن المادة الفعالة الموجودة في التين (الميثالونيدوز) تكون أكثر فعالية عند تناولها مع الزيتون، وقد أثبت العلماء أن النسبة المثلى للحصول على هذه المادة هي حبة تين واحدة مع سبعة حبات من الزيتون

مادة الميثالونيدوز تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الصحة العامة، وتتميز هذه المادة بعدة فوائد صحية رئيسية، أولاً: تساعد الميثالونيدوز على تحسين مستويات الطاقة في الجسم، وذلك يساهم في الحفاظ على نشاط الشباب وحيويتهم.

ثانياً: تعمل هذه المادة على خفض مستويات الكوليسترول الضار في الدم، ويعزز ذلك صحة القلب والأوعية الدموية بالإضافة إلى ذلك تساهم الميثالونيدوز في تقوية القلب وتحسين وظيفته العامة، كما تلعب دورًا في مكافحة الشيخوخة حيث تساعد في التخلص من أعراضها ويجعلها ذلك مفيدة للحفاظ على نضارة البشرة والشعور بالحيوية.

علاوة على ذلك تعزز هذه المادة عملية التمثيل الغذائي في الجسم ويساعد ذلك على تحسين الصحة العامة، وأخيرًا: الميثالونيدوز يُساعد في تنظيم ضغط الدم ويقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب.

تفسير سورة (التين وَالزَّيْتُونِ للشعراوي)

 سورة التين هي السورة رقم 95 في القرآن الكريم ومن السور المكية التي نزلت في مكة المكرمة وتتألف السورة من 8 آيات، وقد أقسم الله سبحانه وتعالى فيها بالتين والزيتون مما يعطي للسورة طابعًا خاصًا من الإعجاز في استخدام الطبيعة في التعبير عن عظمة الخالق ودقة خلقه.

الشيخ الشعراوي يتناول معاني عميقة تتعلق بالقسم بالتين والزيتون حيث يبدأ الله سبحانه وتعالى السورة بالقسم بهما مما يدل على عظمة هذه الثمار وأهميتها، ويعتبر التين من الثمار المباركة، وقد ذُكر في الأحاديث النبوية أنه من ثمار الجنة حيث يتميز بأنه لا يحتوي على عجم (بذور)، وذلك يجعلها فاكهة خالصة ومحبوبة، أما الزيتون شجرة مباركة، وقد جاء ذكره في القرآن الكريم في عدة مواضع وله فوائد صحية عديدة ويستخدم في مختلف الأطعمة.

يفسر الشيخ الشعراوي كيف أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الإنسان في أحسن صورة وأكمل هيئة، وأن هذا الخلق السليم يعكس قدرة الله تعالى في تهيئة الإنسان بشكل لا مثيل له وأنه خلقه بكل ما يلزم لحياته وصحته من المكونات ومنها الفواكه التي ذكرها الله في السورة.

يشير الشيخ الشعراوي في تفسيره إلى أن الإنسان عندما يبتعد عن ربه ويهمل عباده، فإن الله سبحانه وتعالى يرده إلى أسفل درجات الانحدار، وأنه إذا ترك طاعة الله وابتعد عن الطريق المستقيم لا يكون في أفضل حالاته ويقع في متاهات الحياة الدنيا التي لا تفضي إلى الخلاص.

يُكمل الشيخ الشعراوي تفسيره بالقول أن آية “إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ” تُبين أن الناس الذين يلتزمون بالإيمان والعمل الصالح هم فقط من سيُرفعون إلى أعلى درجات الجنة ويُوضح أن الإيمان بالله والعمل الصالح هما السبيل الوحيد للنجاة وهما ما يضمن للإنسان أن يبقى في “أحسن تقويم” بمعنى أنه يظل في أسمى صورته وأعلى مراتب القيم الإنسانية.

الشيخ الشعراوي في تفسيره لآية “فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ” يقول إن التكذيب بالدين يعني أن الإنسان يرفض فطرة الله التي أودعها فيه ويرى أن كل إنسان بطبيعته يدرك الحق ويشعر بحاجة ملحة للطاعة والإيمان، لكن هناك من يبتعد عن هذه الفطرة، وهذه دعوة للرجوع إلى الله والاعتراف بحقيته.

وفي الختام يوضح الشيخ الشعراوي أن آية “أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ” تُحمل في طياتها دعوة للتسليم الكامل لحكم الله عز وجل الذي هو أعدل وأحكم الحاكمين، فكل ما يحدث في هذا الكون لا يكون إلا بتقدير الله وأدرى بمصير البشر وأعمالهم وجزاؤهم من عنده.

لماذا سميت مكة بالبلد الأمين؟

سميت مكة بالبلد الأمين لأن الله جعل مكانها آمنًا حيث يُحرم على الناس الاعتداء فيها أو قطع الأشجار أو صيد الحيوانات، وهذا الأمان مُشدد عليه في القرآن الكريم حيث قال الله تعالى: “أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً” (سورة العنكبوت، الآية 67).

وحُرم فيها القتال وسفك الدماء، وتمنح ساكنيها وزائريها شعورًا بالأمان والسكينة، ويقول الله تعالى: “وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا” (سورة آل عمران، الآية 97).

مكة هي أقدس بقاع الأرض حيث اختارها الله لتكون موطن بيته الحرام وقبلة المسلمين في صلاتهم، وهي البلد الذي شهد مولد النبي ﷺ وبداية الرسالة الإسلامية، وارتبط وصف “الأمين” بمكة لما تحمله من مكانة عظيمة أودعها الله فيها حيث جعلها قبلة للعبادة ومكانًا للحج والعمرة.

تتمتع مكة بحرمة خاصة منذ أن رفع فيها سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام قواعد الكعبة، فأصبحت مكانًا محرمًا يُمنع فيه القتل وقطع الأشجار والصيد، ويشعر الحاج والمعتمر بالأمن والسكينة عند دخولها، فهي ملجأ للمؤمنين وملتقى للسلام.

وارتبطت مكة بتاريخ الرسالات السماوية منذ عهد النبي إبراهيم وامتدت هذه القدسية ببعثة النبي ﷺ لتظل رمزًا للسلام والأمن لجميع المسلمين.

ما هو سبب نزول سورة التين؟

سورة التين سورة مكية تتكون من ثماني آيات، وقد نزلت في فترة مبكرة من الدعوة الإسلامية، ولم يُذكر سبب نزول السورة بالكامل، ولكن هناك أسباب محددة لبعض آياتها وهي:

  • آية “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم” نزلت في بعض الكفار الذين كانوا ينكرون البعث بعد الموت حيث أراد الله أن يُخبرهم بأنه خلقهم في أفضل صورة وأحسن هيئة، وذلك يعكس تكريم الله للإنسان.
  • وآية “ثم رددناه أسفل سافلين” بمجموعة من الناس الذين تقدموا في العمر حتى فقدوا عقولهم، وذلك جعل الصحابة يسألون عن حالهم، فنزلت هذه الآية لتبين أن هؤلاء الأشخاص معذورون وأن لهم أجر أعمالهم الصالحة التي قاموا بها قبل فقدان عقولهم.

في الختام، يتجلى لنا من خلال تأمل القسم بالتين والزيتون وطور سينين كيف يُوجهنا الله سبحانه وتعالى عبر القرآن الكريم إلى أسرار عظيمة تمزج بين القيم الروحية والحقائق العلمية والدلالات التاريخية، وهذا القسم دعوة للتفكر في ارتباط الإنسان بالطبيعة ورسالته في حفظ النعم التي أودعها الله في الكون وفهم عظمة الرسالات السماوية التي انطلقت من هذه الأماكن المقدسة.

المصادر

1

زر الذهاب إلى الأعلى
Index